كتب صلاح سلام في “اللواء”:
اليوم الأول لوقف إطلاق النار كان مشهوداً، بهذا الزحف العارم لعودة النازحين إلى مناطقهم وقراهم، منذ الدقائق الأولى لوقف العمليات الحربية، والغارات الجوية، رغم رداءة الأحوال الجوية، وعدم وجود الكهرباء، وخطر وجود الألغام، ورغم ما خلفه العدوان من دمار وخراب في المنازل وعلى الطرقات.
وقبل الخوض في حديثنا السياسي، لا بد من تسجيل المشهد المعاكس على الجانب الآخر من الحدود. حيث يرفض مستوطنو الشمال العودة إلى مستوطناتهم وبيوتهم، لعدم ثقتهم بالحماية التي يوفرها لهم الجيش الإسرائيلي من جهة، ولإفتقادهم للروابط الوجدانية مع الأرض، كما هو الواقع مع أهالي المناطق الجنوبية.
المهم أنه مع اليوم الأول لإتفاق وقف النار ، بدأ العد العكسي من الجانب اللبناني، وبجدية واضحة، لتنفيذ الإلتزامات اللبنانية، سواء الواردة في النص المعلن، أم تلك التي بقيت بعيدة عن الإعلام، وهي على جانب كبير من الأهمية.
الجدّية اللبنانية بدت واضحة في كلمة الرئيس نجيب ميقاتي بعد جلسة مجلس الوزراء، والتي أكد فيها بدء تنفيذ الخطوات العملية لبنود الإتفاق، وخاصة توجه وحدات من الجيش جنوباً.
وجاء خطاب الرئيس نبيه برّي ليرسم مسار الخط السياسي الموازي لوقف النار، وعنوانه الأساسي « إنتخاب رئيس الجمهورية لا يشكل تحدياً لأحد، ويجمع ولا يفرق»، وتلك مواصفات أساسية للرئيس التوافقي، الذي ورد ذكره في البيان الثلاثي الذي أذاعه الرئيس ميقاتي من عين التينة، بحضور برّي شخصياً وجنبلاط.
ويبدو أن الرئيس برّي حامل أمانة «المقاومة السياسية»، التي أولاها له الأمين العام الراحل لحزب لله السيد حسن نصرلله، مستعجلاً لإتمام الإستحقاق الرئاسي في أقرب فرصة ممكنة، وخلال فترة لا تتجاوز نهاية السنة الحالية، تمهيداً لتشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات الدستورية، وذلك من التأكيد لمن يعنيهم الأمر في الخارج، بحرص لبنان على تجاوز ذبذبات المرحلة السابقة، والإنصراف إلى لملمة الوضع الداخلي، من خلال مصارحة داخلية تضع حداً للإنقسامات العقيمة، تفتح أبواب مصالحة وطنية شاملة، بمجرد أن يعود حزب لله لإلتقاط أنفاسه .والإنخراط في الحياة السياسية، كما أعلن أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، كممثل لشريحة واسعة ولمكون أساسي في النسيج اللبناني.
الرئيس برّي يدرك جيداً أن لبنان موضوع تحت المراقبة الدولية، في مرحلة إختبار لقدرات الدولة اللبنانية في تنفيذ تعهداتها، ولمعرفة حقيقة مواقف المسؤولين من القضايا الواردة في ملاحق جانبية لاتفاق وقف النار، لا سيما بالنسبة لإنتخاب رئيس الجمهورية، وإطلاق ورشة الإصلاح التي طال إنتظارها.