“الدويلة” تشدّد ضغطها على الجيش وقائده

“الدويلة” تشدّد ضغطها على الجيش وقائده
“الدويلة” تشدّد ضغطها على الجيش وقائده

كتب سامر زريق في “نداء الوطن”:

استغلّ “حزب اللّه” عملية الإنزال في البترون لتصعيد حملته ضد الجيش التي كان قد أطلقها بالتزامن مع توسيع إسرائيل مدارات حربها عليه منذ حادثة أجهزة “البيجر”. تلك الحملة وإن كانت في الظاهر موجّهة ضد العماد جوزاف عون، بسبب حظوظه المرتفعة في انتخابه رئيساً للجمهورية، إلّا أنها في العمق تستهدف المؤسسة العسكرية، حيث تعمل على الطعن في دورها الوطني، وتقويض شرعيّتها الدستورية والقانونية، وتندرج ضمن فقه الأولويّات لـ “دويلة الحزب” التي تواجه خطراً وجودياً.

في الخطاب الأخير للأمين العام الجديد، الشيخ نعيم قاسم، طالب الجيش بأن “يصدر موقفاً وبياناً يبيّن لماذا حصل هذا الخرق، حتى ولو قال إنه لم يكن قادراً أو كان عاجزاً”. أي أنه يطلب من المؤسّسة العسكرية إصدار وثيقة تقول فيها إنها عاجزة عن تأدية واجباتها الوطنية من أجل إعادة إنتاج مشروعية المقاومة. المثير أنه أبدى اهتماماً مبالغاً بالـ “مواطن” عماد أمهز، وتجاهل أسرى حزبه لدى الجيش الإسرائيلي، في حين أن سلفه كان يرفع شعار “نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون”! ناهيكم بلامبالاته إزاء الألوف من حاضنته الشعبية المتروكين لقدرهم.

قاسم اعتبر في خطابه أن الإنزال هو انتهاك للسيادة اللبنانية، وهو محقّ طبعاً، لكنه أشار في موضع آخر خلال حديثه عن الحرب إلى أنه “لم يعد مهماً كيف بدأت، وما هي الذرائع”، بما يعكس تناقضاً مذهلاً. ذلك أن الأصل في الكارثة التي يرزح لبنان تحت وطأتها هو انتهاك “الدويلة” سيادة القرار الوطني، وإطلاقها حرباً ضد إسرائيل بقرار متفرّد داست فيه كرامة الشرعية واستقلالية قرارها.

يقودنا ذلك إلى الحديث عن الثلاثية “جيش – شعب – مقاومة” التي حطّت في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة بـ “إنزال” من “الدويلة”، وهي معادلة تضع أضلعها الثلاثة على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. بيد أن الوقائع تظهر أن “الحزب” بما أنه صانع المعادلة وأحد أضلعها في الوقت نفسه، أدمن خرقها بانتظام على حساب الضلعين الآخرين، ولا سيّما الجيش الذي كان المغبون الأكبر، إذ لم يكن طرفاً فاعلاً في أي وقت. بدءاً بحرب تموز 2006، مروراً بالحرب السورية، ومعركة “فجر الجرود” التي اقتضى فقه أولويّات “الدويلة” إبرام صفقة مع تنظيم “داعش” لسلب الجيش انتصاره وتضحياته. فضلاً عن إخفاء “القديسين” الأربعة المتهمين باغتيال رفيق الحريري، وأبرزهم سليم عياش الذي أُفرزت له حماية خاصة خاضت اشتباكاً نارياً مع قوة من فرع المعلومات حينما كانت تداهم المبنى نفسه الذي يقيم فيه بمحض الصدفة بحثاً عن أحد المجرمين. قبل أن يقتل بغارة إسرائيلية في القصير بسوريا لينهي حياته بجمع صفتي القاتل والمحتل.

وصولاً إلى الحرب الحالية التي أسقط فيها “الحزب” ثلاثيته الأثيرة، بعدما تجاوز التفرّد بقرار إطلاقها إلى الإصرار على المضيّ في “إسناده” رغم أنف الدولة والشعب المعبّر عنه بمواقف القوى السياسية الممثلة في البرلمان، وعمله خلال الأشهر الـ11 التي فصلت ما بين انطلاقها وحادثة “البيجر” على تحويل الحكومة إلى “صندوق بريد” دبلوماسي، والجيش إلى “ناظر” يشرف على إدارة عملية دخول وخروج عناصر الفصائل والميليشيات إلى مناطق القتال.

يندرج أيضاً ضمن فقه أولويّات “الدويلة”، تجديد تكليف قاسم لرئيس البرلمان نبيه بري بصلاحية التفاوض مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، والذي يعدّ خرقاً للدستور. ذلك أن السلطة التنفيذية هي من تمثل الدولة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية وليس “الأخ الأكبر”، وهي أيضاً الجهة المخوّلة إصدار القرارات التطبيقية المرتبطة بها. ليست الإشكالية في احتكار التكليف فقط، بل كذلك في مأسسته حول التحالف السياسي. فحينما منحه لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون من أجل التفاوض حول مسألة الحدود البحرية، فإنه ما فعلها احتراماً للدستور، بل انطلاقاً من تحالفهما السياسي، علماً أن الملف نفسه كان في عهدة بري قبل انتخاب عون رئيساً.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق “القوات”: “الأخبار” تضعنا للمرة الأولى في مكاننا الصحيح
التالى انتخاب الرئيس يشترط النصاب لا طائفة النواب