كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
وضعت الأحداث المتسارعة في الداخل السوري، وسيطرة المعارضة على المحافظات السورية كافة، وإعلانها سقوط نظام بشار الأسد، البقاع الشمالي أمام مشهدٍ مقلق وتحدٍ كبير ، إستدعى من الجيش اللبناني تشديد إجراءاته على الحدود، وإستنفار الأمن العام لمواكبة عودة السوريين إلى ديارهم واللبنانيين نحو الداخل، بعد التداخل في النزوحين جراء الحرب الإسرائيلية التي إنتهت أخيراً وتحرير سوريا.
تتجه الأنظار إلى بعلبك الهرمل ربطاً بالتطورات الحاصلة، نظراً إلى طبيعة المنطقة جغرافياً، ووجود تماسٍ حدودي بين لبنان وسوريا شرقاً، يمتد من الهرمل حتى معربون وطفيل، وما بينها من بلدات حدودية كانت على مدى سنوات الثورة السورية مساحةً للتجاذبات الأمنية، وإستقبال النازحين السوريين من حمص وبلدات القلمون الشرقي. ومع دخول سوريا مرحلة جديدة بتولي فصائل المعارضة الحكم، وتثبيت واقع أمني مختلف على الأرض، يتخذ الجيش اللبناني سلسلة إجراءات إحترازية على الحدود، عززها بدفع أفواج جديدة وعناصر إضافية نحو المنطقة.
مصدر أمني مطلع أشار لـ” نداء الوطن” إلى أن الوضع الأمني لا يستدعي القلق، والأمور تتجه نحو الإستقرار، الجيش السوري إنسحب من مراكزه الحدودية، والجيش اللبناني يتواجد بأعداد كبيرة، والمعلومات الواردة من الفصائل المسلحة تشير إلى عدم نيتها بالدفع نحو أي توتر أمني، وستقوم بالتمركز على الحواجز والمقرات التي تم الإنسحاب منها. وتحسباً للخيارات كافة، يعمل الجيش اللبناني على إبقاء البقاع الشمالي وكافة الحدود مع سوريا بمنأى عن أي تدهور أمني وعسكري، ويراقب المعابر الشرعية منها وغير الشرعية في المنطقة، منعاً لدخول مسلحين أو نازحين.
لم يتردد النازحون السوريون في لبنان في تجهيز أمتعتهم سريعاً، وإتخاذهم قرار العودة إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، من دون سابق إنذار من الأمن العام اللبناني لترتيب قوافل العودة الطوعية كما حدث على مدى سنوات، وربطاً بتقديمات المنظمات الدولية المالية والعينية، التي اعتبرها كثر سبباً رئيسياً في بقائهم، لتتضح الصورة مع زوال “طاغية الشام”، أن العودة كانت مرهونة بالخوف من العقاب الذي كان ينتظرهم، وحكم المخابرات الذي أمعن في ترهيب وتعذيب المعتقلين اللبنانيين والسوريين من مختلف الطوائف داخل أقبية السجون.
منذ ليل السبت الفائت، كانت قد بدأت قوافل كبيرة من اللبنانيين القاطنين في البلدات اللبنانية الواقعة ضمن الجغرافية السورية، بالإضافة إلى النازحين الذين لجأوا إلى هناك خلال الحرب بالعودة إلى لبنان، حيث شهدت منطقة الهرمل في البقاع الشمالي زحمةً خانقة تخطى فيها عدد الوافدين الآلاف. وفي حين إتخذ الأمن العام قراراً بإقفال المعابر الرسمية “معبري مطربا وجوسيه”، تولى الجيش اللبناني زمام المبادرة وعمل على إدخالهم، من دون تسجيلهم رسمياً، فيما يشهد معبر المصنع الذي أبقاه الأمن العام مفتوحاً، حركة دخول ومغادرة كثيفة جداً.
بالنسبة إلى السوريين، فتح الجيش اللبناني معبري “الزمراني” في عرسال و “مطربا” في الهرمل، أمام الراغبين في المغادرة، والذين فاقت أعدادهم التوقعات، وبدأ أبناء القلمون الشرقي الذين لجأوا إلى عرسال منذ العام 2011 بالعودة إلى بلداتهم، فيما ينتظر أهالي بلدة القصير اياماً إضافية لبلورة الصورة وإتضاحها بشكل كامل بعد انسحاب “حزب الله “منها.
توازياً، ومنذ ليل أول من أمس، بدأت عناصر حزب الله المتواجدة في منطقة القصير، في العودة إلى لبنان، وأكدت المعلومات أن المنطقة باتت خالية من أي تواجد لـ “حزب الله”، وفي حين لم تتمكن عناصر “الحزب” من سحب معداتهم الثقيلة نحو الداخل كاملة، إستهدف الطيران الإسرائيلي قوافل “الحزب” موقعاً إصابات في صفوفهم.