أعلنت البحرين وقطر، الجمعة، عن “إعادة إحياء مشروع جسر بري ضخم يفترض أن يربط البلدين الخليجيين، بعد أكثر من عقدين على الإعلان عنه للمرة الأولى”.
وجاء الإعلان المشترك للمشروع الذي لم يرَ النور، في أعقاب اجتماع بين رئيسي وزراء الدولتين في المنامة، والتي تعتبر أرفع زيارة لمسؤول قطري للبحرين منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال وقت سابق من العام الجاري.
قال البيان إن “اللقاء الذي جمع ولي عهد البحرين ورئيس وزرائها، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، مع رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، استعرض ما وصلت إليه مستويات التعاون المشترك بين دولة قطر ومملكة البحرين، وسبل تعزيزها وتنميتها على كافة الأصعدة”.
وأضاف البيان المشترك الذي نشر عبر وكالتي أنباء البلدين، أنه “تم خلال المقابلة بحث مشروع جسر قطر – البحرين، وتوجيه الجهات المعنية بالبلدين لاستكمال الخطط والبدء في تنفيذ المشروع”.
وكان المشروع الحيوي قد عُلق لأكثر من مرة لأسباب مختلفة، بما في ذلك الأزمات الدبلوماسية الخليجية مع قطر.
كانت قطر والبحرين قد دخلتا في نزاع إقليمي طويل الأمد منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حول المياه والجزر الصغيرة التي تفصل شبه الجزيرة قطر عن الجزيرة الرئيسية لجارتها البحرين. ولم يتم حل الخلاف إلا عبر قرار من محكمة العدل الدولية.
وأصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي خلال مارس 2001، حكما قضى بتثبيت سيادة البحرين على جزر حوار جنوبي الجزيرة الأم، وتعديل الحدود البحرية بين البلدين في الشمال، ومنح قطر السيادة على فشت الديبل، بحسب فرانس برس.
وبعد طي صفحة الخلافات الحدودية البحرينية القطرية، اتفقت الدولتان على “بدء صفحة جديدة والعمل سويا من أجل تعزيز أواصل التعاون بينهما”.
ورغم المضي قدماً في التخطيط للجسر، فإن المشروع تأخر بسبب إعادة التصميم عام 2008، ليشمل خطا للسكك الحديدة بجانب المركبات الخفيفة والثقيلة، بحسب صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية المتحدثة باللغة الإنكليزية.
وجرى توقيع الاتفاقية لتكون ملكية الجسر مناصفة بين حكومة البلدين، وهو الذي سيكون بطول 40 كيلومتراً ويختصر مسافة السفر البري بين البحرين وقطر من 4 ساعات – مروراً بالسعودية – لنصف ساعة.
كان من المفترض أن “تبدأ الأعمال الإنشائية للجسر في الربع الأول من عام 2010، بعد عامين من توقيع الاتفاقية بين البلدين، على أن يكتمل بحلول عام 2015″، بحسب رويترز.
وتتراوح التكاليف التقديرية للمشروع من 3 إلى 4 مليارات دولار، بحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” نشر عام 2009.
لكن في أيلول 2010، قالت رويترز نقلا عن مصادر لم تكشف عن هويتها، إن “المشروع تم تأجيله مع تقليص فريق العمل، وسط تصاعد التكاليف وزيادة التوتر السياسي”.
شهدت العلاقات بين البلدين في ذلك العام توتراً، بسبب احتجاز السلطات القطرية لصيادين بحرينيين، قالت إنهم “دخلوا مياهها الإقليمية بصورة غير قانونية”.
وأصدرت قطر في العام نفسه، عفواً عن الصيادين بعد وساطة أمير الكويت السابق، الشيخ صباح الأحمد الصباح، بحسب بيان قطري رسمي.
وتمثل منطقة الحدود البحرية بين البحرين وقطر واحدة من أفضل وأكبر مناطق الصيد، خصوصاً منطقة “فشت العظم” التي تتوسط المياه الإقليمية للبلدين، بحسب فرانس برس.
وظل المشروع معلقاً حتى الأزمة الدبلوماسية الخليجية عام 2013، والتي سحبت البحرين والإمارات والسعودية فيها سفراءها من الدوحة.
وفي تشرين الاول من العام ذاته، اجتمعت مؤسسة جسر البحرين – قطر لبحث تصاميم المشروع الذي يفترض أن يكون أطول جسر في العالم. لكن المشروع توقف مجددا بعد الأزمة الخليجية التي أعلنت فيها الدول ذاتها مع مصر مقاطعتها الكاملة لقطر، وإغلاقها لحدودها البرية والجوية أمام الدوحة، صيف عام 2017.
ورغم عودة العلاقات بين السعودية والإمارات مع قطر من خلال القمة الخليجية في العلا مطلع عام 2021، فإن علاقات الدوحة والمنامة استؤنفت في نيسان الماضي فقط.
وقبل ذلك بعام، أعادت البحرين (آذار 2022)، فتح ملف الجسر، بعد تصريحات لوكيل وزارة المواصلات البحرينية.
قال وكيل وزارة المواصلات للنقل البري والبريد، سامي بوهزاع، إنه “من المهم استمرار مؤسسة جسر البحرين – قطر في نشاطها، ومواصلة العمل على وضع التصاميم والخطط التنفيذية لهذا المشروع المهم”، وفق ما نقلت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا).
أشار إلى أن “مشروع جسر البحرين قطر له أثر إيجابي كبير في تعزيز الروابط المتينة والتاريخية بين المواطنين في البلدين”،
مشدداً على “أهمية العمل لكل ما من شأنه تحقيق تطلعات المواطنين في البلدين، في التقارب وتسهيل حركة السفر بين البلدين”.