ماذا يعني فوز ترامب أو هاريس لاقتصادات الشرق الأوسط؟

 

تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من الترقب مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث تتأثر بشكل عميق ملامح الاستقرار السياسي والاقتصادي في عدد من دول المنطقة بتوجهات الرئيس الجديد، سواء كان دونالد ترامب الذي يسعى لولاية ثانية أو كامالا هاريس الطامحة في الوصول للبيت الأبيض.

يعود هذا التأثير الواسع إلى عمق التشابك في العلاقات بين واشنطن ودول المنطقة، في ظل شراكات استراتيجية تُلقي بظلالها على مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة.

تبرز التحديات الاقتصادية على رأس القضايا التي ستتأثر بنتائج الانتخابات، حيث يعتمد مستقبل استقرار أسعار النفط وتجارة السلع الأساسية بشكل أو بآخر على سياسات واشنطن تجاه المنطقة. ففوز ترامب قد يعني استمرار السياسة الصارمة تجاه إيران، بما لذلك من تداعيات على المنطقة.. بينما قد يشير فوز هاريس إلى تهدئة التصعيد واعتماد مسار أكثر دبلوماسية، مما قد يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي، خصوصاً في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية.

كما أن السياسة التجارية والاستثمارية للولايات المتحدة تشكل عاملاً حيوياً يؤثر مباشرةً على اقتصادات دول الشرق الأوسط، سواءً من حيث فرض الرسوم الجمركية أو تعزيز الشراكات التجارية. فقد يسعى ترامب لدعم الشركات الأميركية ورفع تنافسيتها العالمية عبر سياسات تجارية حمائية، في حين قد تفضل هاريس تقوية التعاون مع المنطقة وخلق فرص استثمارية جديدة، ما من شأنه دعم الصناعات غير النفطية، وتوفير فرص لتنويع مصادر الدخل.

ومن ثم تظل النتائج الاقتصادية للانتخابات الأميركية على الشرق الأوسط مرهونةً بالنهج الاستراتيجي للرئيس القادم. وسيكون على صناع القرار في دول المنطقة إعادة ترتيب أولوياتهم وتكييف استراتيجياتهم الاقتصادية وفقاً للسياسات الأمريكية القادمة، سواء بالاعتماد المتزايد على شراكاتهم مع واشنطن أو بتعزيز مسارات تنويع الاقتصاد للحد من التبعية، في ظل تزايد التحديات والتغيرات على الساحة العالمية.

بحسب تقرير لـ theconversation، فإنه بناء على سجلاتهما (ترامب وهاريس)، يتعين رؤية ما إذا كان ترامب أو هاريس سيكونان قادرين على تشكيل الأحداث في منطقة الشرق الأوسط بشكل أفضل.

خلال فترة رئاسته الأولى أظهر ترامب دوافع متناقضة إلى حد ما تجاه الشرق الأوسط وقضايا أخرى.

دفع ترامب باتجاه فك الارتباط والتراجع عن سياسات أوباما الرئيسية.. إلى جانب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ في العام 2017 ، وتخلى ترامب عن الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018. كما وقعت إدارته اتفاقًا لإنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان ، وسحبت قواتها من شمال سوريا .

لكن في الوقت نفسه، واصل ترامب حملة القصف ضد داعش في سوريا والعراق وأذن بقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في العام 2020. وكان هذا الأخير متسقًا مع سياسة تهدف إلى الضغط على إيران وعزلها اقتصاديًا ودبلوماسيًا.

على الجانب الآخر، أظهرت سياسة إدارة بايدن- هاريس في الشرق الأوسط استمرارية كبيرة مع نهج ترامب  في البداية. وبينما اتضح أنها فوضوية، أكملت الولايات المتحدة انسحاب قواتها من أفغانستان في صيف عام 2021 ، كما تم الاتفاق عليه في عهد ترامب، بحسب التقرير.

وأشار التقرير إلى أنه بطبيعة الحال، غيرت أحداث السابع من أكتوبر المعادلة في الشرق الأوسط بالكامل. فقد أصبح منع دوامة العنف في المنطقة مهمة شاقة للغاية.. ومنذ ذلك الحين، حاول بايدن وهاريس، دون جدوى إلى حد كبير، تحقيق التوازن بين دعم إسرائيل وجهود الوساطة لتحرير الرهائن وضمان وقف إطلاق النار.

ما مصير النفط في حال فوز ترامب؟

من واشنطن، أكدت الكاتبة الصحافية المتخصصة في الشؤون الأميركية هبة القدسي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن منطقة الشرق الأوسط ستظل تستحوذ على اهتمام ساكن البيت الأبيض بعد الخامس من نوفمبر، سواء على المستوى السياسي وكذلك على المستوى الاقتصادي.

وأوضحت أن القيام بالأعمال والاستثمار في دول منطقة الشرق الأوسط يتطلب نوعاً من الاستقرار السياسي، وهو ما يدفع الرئيس الأميركي القادم للقيام بدور فعال في تهدئة وإنهاء الحرب لتتمكن شركات القطاع الخاص القيام بالأعمال والاستثمارات في المنطقة.

وأشارت إلى التعريفات الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها (..)، موضحة أنه “من الصعب تقدير تأثير هذه السياسات التجارية الأميركية على الصين وأوروبا في إطار العلاقات بين دول منطقة الخليج والشرق الأوسط مع الصين من جانب، ومع الدول الأوروبية من جانب آخر”؛ فقد تكون الآثار إيجابية على اقتصاد دول منطقة الشرق الأوسط إذا اتجهت تلك الصادرات الصينية والأوروبية إلى دول المنطقة بأسعار أفضل، وقد يتحسن مستوى التبادل التجاري بين المنطقة والصين وأيضا الدول الأوروبية.

ورأت أن الفرص الأفضل ستتمثل في الاستثمار العربي في الولايات المتحدة سواء عن طريق الشراكة مع الشركات الأميركية أو الاستثمار في مشروعات خدمية وصناعية. وتوضح في الوقت نفسه أن ترامب ينتقد النظام التجاري العالمي ويعتبره مسؤولا عن العجز التجاري الأميركي الكبير وتراجع التصنيع الأميركي ونقل الوظائف الأميركية للخارج، لذا سيفتح الباب أمام جلب الاستثمارات الأجنبية وسيفتح مجال شراكات اقتصادية وتجارية وصناعية لخلق مزيد من الوظائف داخل الولايات المتحدة.

وأضافت: قد يكون هناك بعض الآثار السلبية التي ستتضح مع قيام ترامب بتنفيذ هذه الوعود الانتخابية أو التراجع عنها، لأن قيامه بفرض تلك التعريفات العالية قد يتسبب في ارتفاع الأسعار ودخول الولايات المتحدة في مرحلة ركود اقتصادي مما سيلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية”.

أما عن هاريس، أشارت القدسي إلى أنها  سترغب أيضا في خلق وظائف داخل الولايات المتحدة وجلب استثمارات أجنبية، لكنها لن تقوم بفرض تعريفات عالية على الواردات إلى الولايات المتحدة سواء من الصين أو أوروبا أو المكسيك وكندا، مشددة على أن هاريس ستولي اهتمامًا بمجالات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية ومكافحة التغير المناخي وقد تخطط لاعتماد ميزانيات فيدرالية لتشجيع هذا القطاع، وهو مجال يمكن أن تقوم فيه شركات عربية من الشرق الأوسط بشراكات مع نظيرتها الأميركية خاصة بعد التعاون الكبير في مؤتمرات كوب 18 وكوب 19 للتغيير المناخي  بين الولايات المتحدة ودول المنطقة.

غزة وإيران

بحسب نتائج دراسة لمعهد الشرق الأوسط للدراسات، فإن:

تركيز المرشحين فيما يخص الشرق الأوسط ينصب على قضيتين بارزتين: النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وإيران.

في حين أن اهتمام الناخبين في هذه الدورة الانتخابية موجه بشكل رئيسي نحو القضايا المحلية، قد يؤثر الشرق الأوسط بشكل غير متوقع على الانتخابات، خاصة إذا اندلعت حرب إقليمية ترفع أسعار الطاقة، أو وقعت أحداث تخص القوات الأميركية، أو حدثت هجمات إرهابية، مما قد يُرجح كفة الانتخابات ذات الفارق الضئيل.

التقارب الشديد في الأصوات ينبئ باستمرار الانقسام الحزبي في الحكومة الفيدرالية. وهذا الانقسام يمكن أن يؤدي إلى سيناريوهين محتملين للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

السيناريو الأول: ستبقى السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط منقسمة ومسيَّسة، مما يعرقل جهودها الدبلوماسية والأمنية في المنطقة.. والسيناريو الثاني (الأقل ترجيحاً) قد يتحد الحزبان لمواجهة التدخلات الخارجية، مما يعزز نهجاً أمريكياً متماسكاً وأكثر استقراراً في الشرق الأوسط.

ارتباط اقتصاد الشرق الأوسط بالاقتصاد الأميركي

من جهته، أوضح رئيس الأسواق العالمية في “Cedra Markets”، جو يرق ، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن كلا التيارين في الولايات المتحدة سواء الجمهوري أو الديمقراطي يحملان التوجهات والسياسات ذاتها نحو منطقة الشرق الأوسط.

وأشار إلى أنه أثناء ولاية الرئيس ترامب الماضية كان هناك بعض التوترات في العلاقة مع الشرق الأوسط والتي تلاشت بنهايتها، وأصبحت العلاقة جيدة.

وأشار إلى أن: الرئيس ترامب كان قد أعلن خلال حملته الانتخابية أنه في حال وصوله إلى البيت الأبيض سيعمل على استعادة الاستقرار والسلام بالشرق الأوسط، وهو ما سينعكس إيجابيا على اقتصادات المنطقة.

الرئيس السابق ترامب أعلن أيضًا خلال حملته الانتخابية دعم شركات النفط والطاقة الأحفورية، وهو ماله تأثيرًا إيجابيًا على منطقة الشرق الأوسط وبالأخص دول الخليج التي يعتمد اقتصادها كثيرا على النفط.

حال وصول هاريس إلى البيت الأبيض ستستمر السياسات ذاتها التي ينتهجها الرئيس الحالي بايدن.. على مدار عام لم يستطع حل أزمات الشرق الأوسط ، ولم يكن حاسمًا أو له كلمة مرجحة لإعادة التوازن بالمنطقة.

وقال يرق إن اقتصاد منطقة الشرق الأوسط يرتبط بما يشهده الاقتصاد الأميركي من تطورات، وبخاصة على مستوى التضخم والسياسات التي يتبعها الفيدرالي الأميركي سواء برفع معدلات الفائدة أو خفضها، موضحًا أن ترامب كان قد طالب المركزي بخفض الفائدة، وأي تخفيض بالفائدة في البنوك الأميركية تلحق بها البنوك الخليجية وهو ما يعطي دفعة قوية إيجابية لاقتصاد الشرق الأوسط من خلال تخفيض الفوائد.

كيف يتأثر اقتصاد الشرق الأوسط ؟

وإلى ذلك، قال المحلل المالي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد CISI وضاح الطه، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن هناك تبايناً في الرؤى والتعامل مع القضايا الأساسية سواء كانت المتعلقة بالخارج أو قضايا الداخل بين الجمهوريين والديمقراطيين.

وأوضح أن القضايا الداخلية عادة ما تهم المواطن الأميركي بالأساس فيما يخص قضايا الهجرة والضرائب والإجهاض، وبالنسبة للخارجية فهناك اهتمام نسبياً بالتوترات الجيوسياسية والحروب القائمة بالعالم في مقدمتها الحرب في أوكرانيا وما يجري من توترات بمنطقة الشرق الأوسط في لبنان وغزة.

وأكد أن اقتصاد منطقة الشرق الأوسط عادة ما يتأثر بالاقتصاد الأميركي، الذي استقر أداؤه في الفترة الأخيرة  وتحسنت المؤشرات، منها انخفاض معدلات البطالة والفائدة، كما أن معدل النمو الاقتصادي مقبول، مشيرًا إلى التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر.

وأوضح الطه أنه بالنسبة لمعدل أسعار النفط فهو يتأثر بانخفاض الطلب من الصين وزيادة إنتاج بعض الدول خارج أوبك، وهو ما يؤدي إلى تراجع أسعار النفط إلى مستويات قريبة من 70 دولاراً خاصة في العام المقبل، إلا إذا ازدادت التوترات الجيوسياسية بحدوث أي تصعيد يقود إلى الحد من إنتاج النفط في أية دولة منتجة للنفط، ذلك بتوجيه ضربة إسرائيلية إلى منافذ التصدير أو منابع الإنتاج الإيرانية، ما يؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير قد يصل إلى 100 دولار بالأسعار، لذا فيجب أن يعمل الرئيس الأميركي القادم على الترسيخ للاستقرار بالمنطقة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الذهب يهبط
التالى ما أكثر العملات تأثراً بنتائج الانتخابات الأميركية؟