كتب عامر زين الدين في “الأنباء”:
نحو 90% من النازحين من مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، الذين كانوا متواجدين في منطقة جبل لبنان الجنوبي في الشوف وعاليه والمتن ويقدر عددهم بنحو 154 ألفا، أفادو من تطبيق اتفاق وقف النار منذ دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء وعادوا إلى بلداتهم وقراهم، فيما بقيت نسبة 10% منهم في انتظار توفير الأمكنة للعائلات التي ستنتقل اليها، خصوصا من الذين دمرت قراهم على نحو واسع.
طوابير السيارات على الطرقات شكلت زحمة سير خانقة، من الجبل في اتجاه الجنوب والضاحية والبقاع. وبدت الحافلات والسيارات محملة بالأثاث والفرش والإسفنج والحرامات، التي كانت بحوزتهم في أمكنة إقامتهم على مدى 66 يوما، أكان في مراكز الإيواء ولاسيما المدارس وبعض المؤسسات، أو في المنازل التي أقاموا فيها على سبيل الإيجار او الضيافة، وبعضهم كان يبث الأغاني والأناشيد.
لافتات وشعارات وقصص ورقية رفعها النازحون قبل المغادرة، حملت الكثير من عبارات الشكر والثناء، خصوصا لخلايا الأزمة التي تشكلت من البلديات والأحزاب والجمعيات وروابط في بداية العدوان لمتابعة أوضاع النازحين، ولأبناء الجبل على نحو عام، لحسن الاستقبال والضيافة والإقامة طيلة الفترة الماضية.
ومع تقدم ساعات النهار، بدت مراكز الإيواء خالية في شكل شبه تام من العائلات النازحة. وعبر القسم الأكبر من المغادرين لـ«الأنباء» عن فرحتهم بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وبعودتهم إلى ديارهم وأرضهم وبيوتهم، آملين ان تكون الحرب الأخيرة ويتحقق الاستقرار والسلام المنشود.
وقالت زينب.م «شهران صعبان للغاية، وعلى رغم كل الاهتمام بنا، حيث شعرنا اننا أبناء عائلة واحدة، عندما تترك بلدك وأرضك وتفقد احباء لك. عشرة اشخاص من أقربائنا استشهدوا، وبيتنا تدمر، لكن سنبقى على ايماننا بأرضنا وبوطننا، وهذه ليست المرة الاولى التي نتهجر من بلدتنا زفتا في قضاء النبطية».
اما سحر.ن، التي جاءت قبل فترة قصيرة إلى الشوف وتنقلت من مكان إيواء إلى آخر ومن بيت ضيافة إلى آخر، فوصفت الفترة الماضية بالعصيبة جدا، وهي أم لأربعة أبناء، وأملت ان تكون «هذه الحرب الأخيرة، لأن الناس لم تعد تحتمل المزيد».
أبو محسن، أب لعائلة من بلدة كفركلا، وهي البلدة التي أصابها الدمار على نحو كبير للغاية، قال «لم أكن أرغب ترك البلدة أبدا ولدينا مزرعة صغيرة. لكن تفاقم الوضع دفعنا إلى الخروج مرغمين. سأعود (غدا) اليوم، ريثما نكون وفرنا مكانا مناسبا لنا وللعائلة».
ثمة الكثير من مشاهد يوم العودة للنازحين. أما من بقي في مناطق الجبل، فيؤكدون عودتهم إلى بلداتهم في أقرب وقت ممكن، وذلك بعد عودة النازحين إلى منازلهم منذ صباح أمس، والبدء بمرحلة جديدة من حياتهم اليومية ونفض غبار الحرب التي دمرت الكثير من ذكرياتهم وما بنوه على مدى أعوام طويلة.