كتب أنطوان مراد في “نداء الوطن”:
تسجل أوساط دبلوماسية غربية ملاحظات عدة في ما خص سقف اتفاق وقف إطلاق النار والملحق المرتبط به بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، علماً أن هذا الملحق تم إطلاع عدد من الدول الأوروبية الحليفة عليه وشرح هوامشه ولم يلقَ أي تحفظ جدي.
وتشير الأوساط إلى أن الحكم على فعالية وقف النار والشروط المرتبطة به سيتأكد أكثر فأكثر مع مرور الوقت وانتهاء مهلة الستين يوماً، وهي مهلة اختبار النوايا، ولن تُستتبع بأي مهلة أخرى، لأن البديل هو تشدد لا يقبل الأخذ والرد حيال تطبيق القرار 1701 بمندرجاته كلها، بما فيها القرار 1559والقرار 1680.
وتلفت إلى ضرورة عدم إضاعة الفرصة الذهبية المتاحة أمام لبنان لاستعادة أنفاسه، وأمام الدولة لاستعادة قرارها وسيادتها، وهذه مسؤولية كل من يتعاطى السياسة أيضاً للدفع في هذا الاتجاه، لأن المجتمع الدولي لن يكون في أي حال ملكياً أكثر من الملك.
وتخلص الأوساط إلى القول إن التحدي الأكبر يتمثل بمصير سلاح “حزب الله”، إذ ليس في قاموس القراءة الجديدة للقرار 1701 مكان لهذا السلاح، وتالياً إن محاولات الاحتفاظ به أو التعاطي حياله بتراخٍ، ستنقلب عودة إلى التصعيد غير المسبوق وإلى محاذير يراد منها في جانب معين إيقاع الفتنة بين اللبنانيين أنفسهم.
وما لا تقوله الأوساط الدبلوماسية، تقوله قيادات معارضة في مجالسها، إذ تحذر من رهان “حزب الله” على المناورة والتذاكي، للاحتفاظ بسلاحه، ليس كأداة لمواجهة إسرائيل، باعتبار أن هذا العنوان تخطته الوقائع، بل لصرف النفوذ المترتب عليه في الداخل، ليتم التعويض في السياسة عن الخسارة في العسكر.
وتلفت إلى أن المؤسسات والأجهزة الأمنية أمام امتحان بالغ الخطورة، فإما أن تنجح في لعب دورها الطبيعي الدستوري والقانوني، في حماية الوطن والمواطن، لأنها تملك اليوم هامشاً من الحركية يتخطى القرار السلطوي الضيق والمغلوب على أمره أحياناً، وإلا فإن التبعات ستكون مؤلمة على لبنان الدولة وعلى المؤسسات نفسها وعلى قادتها بخاصة. ولذلك المطلوب التخلي عن الميوعة والتغاضي والتردد على غرار الماضي القريب، وإلا فإن ثمة من سيشغل موقعهم، لأنهم بذلك يتخلون عنه لسواهم. وهم بذلك كآخر ملك أندلسي هو عبدالله الصغير الذي وقف فوق تلة مطلة على غرناطة يذرف الدمع لتبادره أمه قائلة: إبكِ كالنساء مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال.
وترى المصادر القيادية أنه آن الأوان لقرار جريء بإزالة السلاح بالدرجة الأولى من المناطق السكنية، ومن قمم السلسلة الغربية وسفوحها الشرقية، والتي ينشر فيها “الحزب” قواعد ومنصات صاروخية استخدمها مراراً في المواجهات الأخيرة لقصف إسرائيل، وكثير منها يقع في مشاعات بلدات مسيحية حيث يُمنع على أهاليها الاقتراب منها، بل إن المصادر تلفت إلى معلومات عن إعادة تخزين أسلحة وذخائر في مناطق جبلية معينة بعدما تم سحبها إلى مناطق أخرى في مطلع المواجهات القاسية بين أواخر أيلول وأوائل تشرين الأول.
وتتوقف عند أمرين: الأول هو أن تطبيق القرار 1701 يشمل المخيمات الفلسطينية والمعسكرات خارجها، علما أن الغارات الإسرائيلية تجنبت التعرض المباشر للمخيمات واستهدفت بنسبة محدودة المعسكرات، لكن ذلك لا يلغي أهمية ضبط السلاح في المخيمات وإزالته من المعسكرات على غرار معسكر أعالي قوسايا والذي يشكل معبراً أساسياً لحركية الحزب وشحنات السلاح عبر الحدود التي يحاذيها بحسب معلومات مؤكدة.
أما الأمر الثاني، فهو محاولة جماعة الممانعة بالتناغم مع النظام السوري التهويل بالخطر التكفيري الداهم الذي يمثله تقدم الفصائل المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام”، لتبرير احتفاظ “حزب الله” بسلاحه بداعي التصدي لمحاولات التسلل والتمدد إلى لبنان، في تكرار لفصول مسرحية سابقة وفاضحة، علماً أن المعطيات المتوافرة تشير إلى أن أداء الفصائل المتقدمة يختلف بشكل كبير عن أداء “داعش” وبشكل واضح عن أداء جبهة النصرة لجهة سقف طروحات تلك الفصائل وطموحاتها وتعاطيها المغاير مع المسيحيين.