كتبت أمل شموني في “نداء الوطن”:
ينصبّ التركيز في الوقت الراهن، على دور القوات المسلحة وتحديداً الجيش اللبناني، فالتحديات المستمرة المتمثلة في هشاشة الوضع الأمني الداخلي والموارد المحدودة للدولة، تثير تساؤلات جوهرية حول قدرة الجيش على بسط الأمن بشكل فعال. وعقب التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة أخيراً بين لبنان وإسرائيل، أصبحت المفاوضات حول تعزيز قدرات الجيش أكثر إلحاحاً، خصوصاً في ظل إجماع شريحة واسعة من اللبنانيين على ثقتها بالمؤسسة العسكرية.
يشير محللون سياسيون وخبراء عسكريون في واشنطن، إلى أهمية الدعم الأميركي لتمكين الجيش اللبناني من تعزيز الثقة في قدرة الحكومة اللبنانية على بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بالمؤسسات الشرعية اللبنانية لا بالفصائل المسلحة، لا سيما “حزب الله”. في هذا السياق، أكد رئيس فريق العمل الأميركي من أجل لبنان إد غابرييل، لـ “نداء الوطن”، التزام واشنطن العمل بشكل وثيق مع الجيش اللبناني، لضمان حصوله على العتاد والعديد والتدريب والمعدات اللازمة للقيام بمسؤولياته”، مشيراً إلى “أن وزارة الدفاع الأميركية رصدت وأعادت برمجة مئات ملايين الدولارات خصيصاً لهذا الغرض، وخاصة لتعزيز أمن الحدود وإدارة الموانئ”.
وفي نظرته إلى المستقبل، أعرب غابرييل عن ثقته في التزام الإدارة الأميركية المقبلة تجاه لبنان، قائلاً: “نتوقع دعماً قوياً من الإدارة الجديدة، التي شاركت عن كثب في تفاصيل الاتفاق، وتمّت استشارتها بانتظام بشأن بنود تنفيذه”. ويؤكد على استمرار اهتمام الولايات المتحدة بضمان تزويد الجيش بالقدر الكافي من التجهيز والدعم للمضي قدماً في تنفيذ الاتفاق. وأعرب غابرييل عن تفاؤله بشأن دعم الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، للجيش داخل الكونغرس، قائلاً: “هناك دعم واسع النطاق من كلا الحزبين لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية. وفي حين تستمر بعض الاعتراضات، فإنها ستصبح أقل تواتراً، خاصة في ضوء الاتفاق الأخير بين إسرائيل ولبنان، والذي غيّر في وجهات النظر لدى بعض المعترضين سابقاً”. ويعكس هذا الدعم السياسي اعترافاً واسعاً في واشنطن بالدور الحاسم للجيش اللبناني في الحفاظ على الاستقرار وسط التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط.
بدورها، علقت كبيرة الباحثين في معهد واشنطن حنين غدار، على التعقيدات المحيطة بعمل الجيش اللبناني، قائلة: “لقد أثبت الجيش قدرته على مواجهة “داعش” و “النصرة”، ولكنه يحتاج إلى دعم مضاعف للتعامل بفعالية مع “حزب الله” وتنفيذ القرار 1701″. وأكدت لـ “نداء الوطن” على الحاجة إلى قرار سياسي حاسم “لتمكين الجيش من نزع سلاح “الحزب” وهو ما يعكس تحدياً كبيراً على الطريق نحو الاستقرار”.
وعلى الرغم من مواصلة الجيش لانتصاره في جنوب لبنان، أشارت غدار إلى أن هذه الجهود جزئية، ولفتت إلى مسألة تفويض الحكومة الأوسع للجيش سعياً لتنفيذ القرار 1701، الذي يدعو إلى نزع سلاح التنظيمات المسلحة بما فيها “حزب الله” بالكامل. وقالت: “إن الجيش اللبناني منهك ويفتقر إلى الموارد الكافية. وإن لم تتم زيادة عديده، فإنه لن يستطيع تأمين كامل حدود لبنان بشكل فعال”.
ومع تزايد ديناميكيات الصراع الداخلي في لبنان والمنطقة بسبب التحولات السياسية والديموغرافية، “تتجه الأنظار إلى الحفاظ على الاستقرار الداخلي الهش”. في هذا الإطار، لفت غابرييل إلى “ضرورة أن تدرك الولايات المتحدة أن مدة التزامها بلبنان تنطوي على التعامل مع مجموعة معقدة من الظروف”، مشدداً على أن التعاون مع “المغتربين اللبنانيين والحلفاء الإقليميين سيكون محورياً في دعم الجيش ومعالجة الاحتياجات الإنسانية وإعادة الإعمار في لبنان”. وقال: “إن الرسالة واضحة: الدعم الأميركي المستمر للجيش ليس مجرد استثمار في القدرات العسكرية، بل خطوة حاسمة في تعزيز وصياغة رؤية مشتركة لمستقبل لبناني أكثر استقراراً في منطقة محفوفة بالتحديات”.
وفيما يخلص المحلّلون إلى أن واشنطن قادرة على حشد الدعم اللازم من مختلف أنحاء العالم، يشير غابرييل إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تبقى ثابتة باعتبارها المنفذ والضامن الرئيسي لهذا الاتفاق. وقد يعتمد مستقبل الجيش اللبناني بل ولبنان على فعالية وعمق هذا الالتزام”.